responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 447
ونصوصه، ولكن كيفية هذا التنفيذ تختلف باختلاف البيئات والظروف وطبائع الأشياء، فإذا كان الخلاف بين أفراد الأسرة فولى أمرها وراعيها وجيرانها ومعارفها مخاطبون بهذه الآية الكريمة، وعليهم إنفاذها، فإن لم ينفذها أفراد الأسرة رفعوا أمرهم إلى من يستطيع إلزامهم الحق، وساعدوا ما استطاعوا على أن يعود الحق إلى نصابه بكل الوسائل الممكنة لهم.
وإذا كان الخلاف بين أفراد القرية أو البلد كان ذلك واجب الرؤساء والوجهاء وذوى الرأى والمكانة فيهم، وإذا كان بين أفراد الأمة وهيئاتها كان ذلك واجب الإمام، وهو الحاكم العام للمسلمين سواء كان خليفة أو ملكا أو أميرا، وعليه أن يستخدم فى ذلك الجيش الإسلامى، ويكون من يجاهد البغاة فى تلك المواقف بسبب بغيهم مجاهدا فى سبيل الله.
وهكذا ترى دائرة التنفيذ تتّسع وتضيق بحسب حدود الخلاف وأقطاره.
وأظنّك عرفت من هذا أنّ القرآن الكريم وهو دستور العالم الشامل الكامل قد وضع بهذه الآية الكريمة نظام التحكيم" بروتوكول التحكيم" قبل أن يفكر الغربيون فى عصبة الأمم بأكثر من ألف عام.
وأظنك عرفت أيضا: أن الآية قد أحاطت هذا النظام بسياج من العدالة والقداسة جعلته للحق وحده على حين نرى التحكيم الغربى كلمة حق يراد بها باطل، ووسيلة كل ما يقصد من ورائها تلمّس الحيل ليصطبغ عدوان القوى على الضعيف بصبغة يقولون: إنها شرعية!

[مبادئ اجتماعية قررتها الآية]
وقد قررت الآية الكريمة للمسلمين عدة مبادئ من أسمى المبادئ الاجتماعية وأعظمها نفعا للأمم والشعوب منها:
أولا: وجوب وحدة الأمة والعمل على سلامة هذه الوحدة وصيانتها من العبث والبغى، وفى ذلك يقول الله تبارك وتعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً [آل عمران: 103]، وهذا ما سنتحدث عنه فى العدد القادم إن شاء الله.

اسم الکتاب : نظرات في كتاب الله المؤلف : حسن البنا    الجزء : 1  صفحة : 447
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست